تفسير سورة الكافرون السورة رقم 109 في ترتيب المصحف الشريف في الجزء الثلاثين، هي من السور المكية ونزلت بعد سورة الماعون، وهذه السورة الكريمة هي تفريق بين توحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة وبين الشرك.
فنزلت هذه السورة لتيئيس المشركين من أن يوافقهم الرسول صلى الله عليه وسلم عندما طلبوا منه أن يعبدوا إلهه سنة ويعبد آلهتم سنة (كما سيأتي) فكانت سورة الكافرون تأكيد على أن الدين الإسلامي هو الدين الحق الذي لا يخالطه شيء من الشرك.
وسنستعرض معًا تفسير سورة الكافرون لابن كثير والسعدي والطبري والتفسير الميسر وسبب نزول سورة الكافرون وفضل هذه السورة العظيمة فتابع.
سورة الكافرون مكتوبة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)
سبب نزول سورة الكافرون
قبل البدء في تفسير سورة الكافرون لابد أن نتعرف على سبب نزول هذه السورة الكريمة وهو:
سورة الكافرون نزلت في (رَهْطٍ من قُريش – قيل منهم الوليد بن المغيرة وأمية بن خلف والعاص بن وائل السهمي والأسود بن المطلب)، قالوا: يا محمدُ! هَلُمَّ فاتَّبعْ ديننا ونتبع دينك: تعبد آلهتنا سنة، ونعبدُ إلهك سنة، فإن كان الذي جئت به خيرًا مما بأيدينا، كنا قد شَرَكْناك فيه، وأخذْنا بحظنا منه، وإن كان الذي بأيدينا، خيرًا مما في يديك، كنت قد شركتنا في أمرنا، وأخذت بحظك.
فقال: معاذ الله أن أشرك به غيره. فأنزل الله تعالى: { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُون } إلى آخر السورة، فَغَدا رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم- إلى المسجد الحرام، وفيه الملأُ من قريش، فقرأها عليها حتى فرغ من السورة، فأَيِسُوا منه عند ذلك.
فضل سورة الكافرون
جاء في فضل سورة الكافرون حديثين شريفين من الأحاديث الصحيحة وهما:
- الحديث الأول يبين أن سورة الكافرون براءة من الشرك لمن قرأها قبل نومه، فعن فروة بن نوفل رضي الله عنه: “أنَّهُ أتَى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالَ : يا رسولَ اللَّهِ علِّمني شيئًا أقولُهُ إذا أوَيتُ إلى فِراشي ، فقالَ : اقرأ : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ فإنَّها براءةٌ منَ الشِّركِ” (صحيح الترمذي)
وفي رواية أخرى عن نوفل بن فروة الأشجعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: “اقرأْ قل يا أيها الكافرون ثم نم على خاتمتِها؛ فإنها براءةٌ من الشركِ” (أخرجه أبوداود والترمذي وأحمد وصححه الألباني). - الحديث الثاني يبين أن من فضل سورة الكافرون أنها تعدل ربع القرآن، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “مَنْ قرأَ قُلْ يَا أيُّهَا الْكَافِرُونَ عَدَلَتْ لهُ بِرُبْعِ القُرآنِ ، ومَنْ قرأَ قُلْ هو اللهُ أحَدٌ عَدَلَتْ لهُ بِثُلثِ القُرآنِ” (أخرجه الترمذي وحسنه الألباني).
وفي رواية أخرى عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ تعدلُ ثلثَ القرآنِ، و قُلْ يَا أيُّهَا الْكَافِرُونَ تعدلُ ربعَ القرآنِ” (صحيح الجامع للألباني).
تفسير سورة الكافرون التفسير الميسر
قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)
قل -أيها الرسول- للذين كفروا بالله ورسوله: يا أيها الكافرون بالله.
لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2)
لا أعبد ما تعبدون من الأصنام والآلهة الزائفة.
وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3)
ولا أنتم عابدون ما أعبد من إله واحد, هو الله رب العالمين المستحق وحده للعبادة.
وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ (4)
ولا أنا عابد ما عبدتم من الأصنام والآلهة الباطلة.
وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5)
ولا أنتم عابدون مستقبلا ما أعبد. وهذه الآية نزلت في أشخاص بأعيانهم من المشركين، قد علم الله أنهم لا يؤمنون أبدًا.
لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)
لكم دينكم الذي أصررتم على اتباعه, ولي ديني الذي لا أبغي غيره.
مقال ذات صلة: تفسير سورة الفلق
تفسير سورة الكافرون السعدي
قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)
أي: قل للكافرين معلنا ومصرحًا.
لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2)
أي: تبرأ مما كانوا يعبدون من دون الله، ظاهرًا وباطنًا.
وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ (4) وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5)
لعدم إخلاصكم في عبادته ، فعبادتكم له المقترنة بالشرك لا تسمى عبادة، ثم كرر ذلك ليدل الأول على عدم وجود الفعل، والثاني على أن ذلك قد صار وصفًا لازمًا.
لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)
ولهذا ميز بين الفريقين، وفصل بين الطائفتين، فقال: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} كما قال تعالى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} (الإسراء: 84) {أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ} (يونس: 41).
تفسير سورة الكافرون ابن كثير
قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)
هذه السورة سورة البراءة من العمل الذي يعمله المشركون، وهي آمرة بالإخلاص فيه، فقوله: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} شمل كل كافر على وجه الأرض، ولكن المواجهين بهذا الخطاب هم كفارُ قريش، وقيل: إنهم من جهلهم دَعَوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبادة أوثانهم سنة، ويعبدون معبوده سنة، فأنزل الله هذه السورة، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فيها أن يتبرأ من دينهم بالكلية، فقال: {لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}
لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ (4) وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)
{لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} يعني: من الأصنام والأنداد، {وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} وهو الله وحده لا شريك له. ف {ما} هاهنا بمعنى من.
ثم قال: {وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} أي: ولا أعبد عبادتكم، أي: لا أسلكها ولا أقتدي بها، وإنما أعبد الله على الوجه الذي يحبه ويرضاه؛ ولهذا قال: {وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} أي: لا تقتدون بأوامر الله وشرعه في عبادته، بل قد اخترعتم شيئًا من تلقاء أنفسكم، كما قال: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} (النجم: 23).
فتبرأ منهم في جميع ما هم فيه، فإن العابد لا بد له من معبود يعبده، وعبادة يسلكها إليه، فالرسول وأتباعه يعبدون الله بما شرعه؛ ولهذا كان كلمة الإسلام لا إله إلا الله محمد رسول الله أي: لا معبود إلا الله ولا طريق إليه إلا بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، والمشركون يعبدون غير الله عبادة لم يأذن بها الله.
ولهذا قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} كما قال تعالى: {وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ} (يونس: 41) وقال: {لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ} (القصص: 55).
وقال البخاري: يقال: {لَكُمْ دِينَكُمْ} الكفر، {وَلِيَ دِينِ} الإسلام. ولم يقل: ديني لأن الآيات بالنون، فحذف الياء، كما قال: {فَهُوَ يَهْدِينِ} (الشعراء: 78) و{يَشْفِينِ} (الشعراء: 80) وقال غيره: لا أعبد ما تعبدون الآن، ولا أجيبكم فيما بقي من عمري، ولا أنتم عابدون ما أعبد، وهم الذين قال: {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنزلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا} (المائدة: 64) انتهى ما ذكره.
ونقل ابن جرير عن بعض أهل العربية أن ذلك من باب التأكيد، كقوله: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} (الشرح: 5 – 6) وكقوله: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ} (التكاثر: 6 – 7) وحكاه بعضهم- كابن الجوزي، وغيره- عن ابن قتيبة، فالله أعلم.
فهذه ثلاثة أقوال: أولها ما ذكرناه أولا، الثاني: ما حكاه البخاري وغيره من المفسرين أن المراد: {لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} في الماضي، {وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} في المستقبل. الثالث: أن ذلك تأكيد محض.
وثم قول رابع، نصره أبو العباس بن تَيمية في بعض كتبه، وهو أن المراد بقوله: {لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} نفى الفعل لأنها جملة فعلية، {وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ} نفى قبوله لذلك بالكلية؛ لأن النفي بالجملة الاسمية آكد فكأنه نفى الفعل، وكونه قابلا لذلك ومعناه نفي الوقوع ونفي الإمكان الشرعي أيضا، وهو قول حسن أيضا، والله أعلم.
وقد استدل الإمام أبو عبد الله الشافعي وغيره بهذه الآية الكريمة: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} على أن الكفر كله ملة واحدة تورثه اليهود من النصارى، وبالعكس؛ إذا كان بينهما نسب أو سبب يتوارث به؛ لأن الأديان- ما عدا الإسلام- كلها كالشيء الواحد في البطلان. وذهب أحمد بن حنبل ومن وافقه إلى عدم توريث النصارى من اليهود وبالعكس؛ لحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يتوارث أهل ملتين شتى” (صحيح أبي داود وقال الألباني حسن صحيح).
آخر تفسير سورة قل يا أيها الكافرون ولله الحمد والمنة (ابن كثير).
تفسير سورة الكافرون تفسير الجلالين
{قل يا أيها الكافرون} {لا أعبد} في الحال {ما تعبدون} من الأصنام {ولا أنتم عابدون} في الحال {ما أعبد} وهو الله تعالى وحده {ولا أنا عابد} في الاستقبال {ما عبدتم} {ولا أنتم عابدون} في الاستقبال {ما أعبد} علم الله منهم أنهم لا يؤمنون ، وإطلاق ما على الله على وجه المقابلة {لكم دينكم} الشرك {ولي دين} الإسلام وهذا قبل أن يؤمر بالحرب وحذف ياء الإضافة القراء السبعة وقفاً ووصلاً وأثبتها يعقوب في الحالين.
تفسير سورة الكافرون تفسير الطبري
قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ (4) وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5)
القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم, وكان المشركون من قومه فيما ذكر عرضوا عليه أن يعبدوا الله سنة, على أن يعبد نبيّ الله صلى الله عليه وسلم آلهتهم سنة, فأنـزل الله معرفه جوابهم في ذلك: {قُلْ} يا محمد لهؤلاء المشركين الذين سألوك عبادة آلهتهم سنة, على أن يعبدوا إلهك سنة {يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} بالله {لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} من الآلهة والأوثان الآن {وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} الآن.
{وَلا أَنَا عَابِدٌ} فيما أستقبل {مَا عَبَدْتُمْ} فيما مضى {وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ} فيما تستقبلون أبدا {مَا أَعْبُدُ} أنا الآن, وفيما أستقبل. وإنما قيل ذلك كذلك, لأن الخطاب من الله كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أشخاص بأعيانهم من المشركين, قد علم أنهم لا يؤمنون أبدا , وسبق لهم ذلك في السابق من علمه.
فأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يؤيسهم من الذي طمعوا فيه, وحدّثوا به أنفسهم, وأن ذلك غير كائن منه ولا منهم, في وقت من الأوقات, وآيس نبي الله صلى الله عليه وسلم من الطمع في إيمانهم, ومن أن يفلحوا أبدا, فكانوا كذلك لم يفلحوا ولم ينجحوا, إلى أن قتل بعضهم يوم بدر بالسيف, وهلك بعض قبل ذلك كافرا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل, وجاءت به الآثار.
ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن موسى الحَرشي, قال: ثنا أبو خلف, قال: ثنا داود, عن عكرِمة, عن ابن عباس: أن قريشا وعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطوه مالا فيكون أغنى رجل بمكة, ويزّوجوه ما أراد من النساء, ويطئوا عقبه, فقالوا له: هذا لك عندنا يا محمد, وكفّ عن شتم آلهتنا, فلا تذكرها بسوء, فإن لم تفعل, فإنا نعرض عليك خصلة واحدة, فهي لك ولنا فيها صلاح.
قال: ” ما هي؟” قالوا: تعبد آلهتنا سنة: اللات والعزى, ونعبد إلهك سنة, قال: ” حتى أنْظُرَ ما يأْتي مِنْ عِنْدِ رَبّي”, فجاء الوحي من اللوح المحفوظ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} السورة, وأنـزل الله: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ … إلى قوله: فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} (الزمر: 64 – 67).
حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن عُلَية, عن محمد بن إسحاق, قال: ثني سعيد بن مينا مولى البَختري قال: لقي الوليد بن المُغيرة والعاص بن وائل, والأسود بن المطلب, وأميَّة بن خلف, رسول الله, فقالوا: يا محمد, هلمّ فلنعبد ما تعبد, وتعبدْ ما نعبد, ونُشركك في أمرنا كله, فإن كان الذي جئت به خيرا مما بأيدينا، كنا قد شَرِكناك فيه, وأخذنا بحظنا منه; وإن كان الذي بأيدينا خيرا مما في يديك, كنت قد شَرِكتنا في أمرنا, وأخذت منه بحظك, فأنـزل الله: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} حتى انقضت السورة .
لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)
يقول تعالى ذكره: لكم دينكم فلا تتركونه أبدا, لأنه قد ختم عليكم, وقضي أن لا تنفكوا عنه, وأنكم تموتون عليه, ولي دين الذي أنا عليه, لا أتركه أبدا, لأنه قد مضى في سابق علم الله أني لا أنتقل عنه إلى غيره.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قول الله: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} قال: للمشركين; قال: واليهود لا يعبدون إلا الله ولا يشركون, إلا أنهم يكفرون ببعض الأنبياء, وبما جاءوا به من عند الله, ويكفرون برسول الله, وبما جاء به من عند الله, وقتلوا طوائف الأنبياء ظلما وعدوانا, قال: إلا العصابة التي بقوا, حتى خرج بختنصر, فقالوا: عُزَير ابن الله, دعا الله ولم يعبدوه ولم يفعلوا كما فعلت النصارى, قالوا: المسيح ابن الله وعبدوه .
وكان بعض أهل العربية يقول: كرّر قوله: {لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} وما بعده على وجه التوكيد, كما قال: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} (الشرح: 5-6) , وكقوله: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ} (التكاثر: 6-7).
اقرأ أيضًا: تفسير سورة الضحى
تفسير سورة الكافرون للشعراوي
وختامًا فهذا تفسير سورة الكافرون للسعدي وابن كثير والطبري والشعراوي والتفسير الميسر وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تم برمجة هذا الموقع من قبل : Ahmeds.dev