تفسير سورة الإخلاص إحدى سور القرآن الكريم التي قال عنها الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم (قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن) فهي وإن كانت من السور القصيرة إلا أنها عظيمة في معانيها فقول الرسول تعدل ثلث القرآن يدل على عظمتها وفضلها و سنتعرف معا بالإضافة إلى تفسيرها على فضلها و سبب نزولها ولماذا سميت بالإخلاص فتابع.
سورة الإخلاص
هذه السورة الكريمة من السور المكية التي نزلت قبل هجرة النبي صلوات الله وسلامه عليه، تقع في الجزء الثلاثين من القرآن، وعدد آياتها 4 آيات وبها 15 كلمة في 47 حرفًا، جاءت بعد سورة المسد وقبل سورتي الفلق والناس.
وسورة الإخلاص تتحدث عن صفة الله تعالى بالوحدانية وتنزيه الله تعالى عن الشريك والولد وأنه تعالى الجامع لصفات الكمال الذي تحتاجه الخلائق للقيام بحاجاتها.
وقد اشتملت على الأنواع الثلاثة للتوحيد وهي: توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، وسنتطرق إلى ذلك أثناء تفسير سورة الإخلاص فتابع.
سورة الإخلاص مكتوبة بخط جميل
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ }
سورة الإخلاص مترجمة
الترجمة الانجليزية
Say: He is Allah, the One and Only; (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)
Allah, the Eternal, Absolute; ( اللَّهُ الصَّمَدُ)
He begetteth not, nor is He begotten; ( لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ)
And there is none like unto Him. (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)
الترجمة الفرنسية
Dis: Il est Allah, Unique; (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)
Allah, Le Seul à être imploré pour ce que nous désirons; ( اللَّهُ الصَّمَدُ)
Il n’a jamais engendré, n’a pas été engendré non plus; ( لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ)
Et nul n’est égal à Lui. (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)
الترجمة الاسبانية
Di: “Él es Al-lah, Uno; (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)
Al-lah es el Absoluto; ( اللَّهُ الصَّمَدُ)
No engendró ni fue engendrado; ( لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ)
Y no hay nada ni nadie que sea semejante a Él. (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)
سبب نزول سورة الإخلاص
جاء عن سبب نزول سورة الإخلاص ما قاله قتادة ومقاتل والضحاك: أن أناسًا من اليهود جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: صِفْ لنا ربك، فإن الله أنزل نَعْتَه في التوراة،
فأخبرنا من أي شيء هو؟ ومن أي جنس هو؟ من ذهب أم نُحاس أم فِضة؟ وهل يأكل ويشرب؟ وممن وَرِثَ الدنيا؟ ومن يُوَرِّ ثها؟ فأنزل الله تعالى سورة الإخلاص.
وجاء أيضًا عن أبي بن كعب رضي الله عنه: أن المشركين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: انْسُب لنا ربك، فنزلت هذه السورة الكريمة.
قال: فـ الصمد الذي لم يلد ولم يولد؛ لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت وليس شيء يموت إلا سيوَرَث وإن الله تعالى لا يموت ولا يورَث.
قال ولم يكن له كفوًا أحد: لم يكن له شبيه ولا عدل وليس كمثله شيء.
سبب تسمية سورة الإخلاص بهذا الاسم
سميت سورة الإخلاص بعدة أسماء منها: (الصمد – المعرفة – النجاة – البراءة – المانعة – وغيرها) وأشهر أسمائها الإخلاص،
وسميت بذلك لأمرين؛ الأول: أن الله سبحانه جعلها خالصة له وحده، فليس في هذه السورة إلا الكلام عن الله وصفاته،
والثاني: أنها تجعل قارئها خالصًا من الشرك إذا قرأها معتقدًا بما فيها وما دلت عليه.
تفسير سورة الإخلاص للسعدي
{{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ }}
قُلْ قولا جازمًا به، معتقدًا له، عارفًا بمعناه،
هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ أي قد انحصرت فيه الأحدية، فهو الأحد المنفرد بالكمال، الذي له الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العليا، والأفعال المقدسة، الذي لا نظير له ولا مثيل.
{{ اللَّهُ الصَّمَدُ }}
أي: المقصود في جميع الحوائج.
فأهل العالم العلوي والسفلي مفتقرون إليه غاية الافتقار، يسألونه حوائجهم، ويرغبون إليه في مهماتهم، لأنه الكامل في أوصافه، العليم الذي قد كمل في علمه، الحليم الذي قد كمل في حلمه، الرحيم الذي كمل في رحمته، الذي وسعت رحمته كل شيء، وهكذا سائر أوصافه.
{{ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ }}
ومن كماله أنه لم يلد ولم يولد لكمال غناه
{{ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ }}
ولم يكن له كفوًا أحد لا في أسمائه ولا في أوصافه، ولا في أفعاله سبحانه وتعالى، فهذه السورة مشتملة على توحيد الأسماء والصفات.
تابع أيضًا: تفسير سورة الكافرون التفسير الميسر
تفسير سورة الإخلاص للشعراوي
هذا الفيديو به تفسير سورة الإخلاص كاملة للشيخ محمد متولي الشعراوي فتفضل بمتابعته.
مقالات مشابهة: تفسير سورة القدر للشعراوي مكتوب
تفسير سورة الإخلاص للقرطبي
{{ قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ }}
أي الواحد الوِتر، الذي لا شبيه له، ولا نظير ولا صاحبة، ولا ولد ولا شريك. وأصل (أَحَدٌ): وَحَدٌ؛ قُلِبت الواو همزة.
و (أَحَدٌ) مرفوع، على معنى: هو أَحدٌ. وقيل: المعنى: قل: الأمرُ والشأن: اللَّهُ أَحَد. وقيل: (أَحَد) بدل من قوله: (الله).
وقرأ جماعة «أَحَدُ اللَّه» بلا تنوين، طلباً للخفة، وفراراً منِ التقاء الساكنين
{{ ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ }}
أي الذي يُصْمَد إليه في الحاجات. كذا رَوَى الضحاك عن ابن عباس، قال: الذي يُصْمَد إليه في الحاجات.
قال أهل اللغة: الصمد: السيد الذي يُصْمد إليه في النوازل والحوائج، وقال قوم: الصَّمَدُ: الدائم الباقي، الذي لم يزل ولا يزال.
وقيل: تفسيره ما بعده {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ }. قال أُبَيُّ بنُ كَعْب: الصَّمَدُ: الذي لا يلِدُ ولا يُولَد؛ لأنه ليس شيء إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا يُورث.
وقال عليّ وابن عباس أيضاً وأبو وائل شقِيق بن سلمة وسفيان: الصَّمَد: هو السيد الذي قد انتهى سُودَدُه في أنواع الشرف والسُّودَد.
وقال أبو هريرة: إنه المستغنِي عن كل أحد، والمحتاج إليه كل أحد، وقال السدّيّ: إنه: المقصود في الرغائب، والمستعان به في المصائب.
وقال الحسين بن الفضل: إنه الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وقال مقاتل: إنه: الكامل الذي لا عيب فيه، وقال الحسن وعِكرمة والضحاك وابن جُبير: الصَّمَد: المُصْمَتُ الّذي لا جَوْف له.
قال القرطبي: قد أتينا على هذه الأقوال مبينة في الصَّمَد، في (كتاب الأَسنَى) وأن الصحيح منها ما شهد له الاشتقاق؛ وهو القول الأوّل، ذكره الخَطَّابي.
وقد أسقط مِن هذه السورة من أبعده الله وأخزاه، وجعل النار مقامه ومثواه، وقرأ «اللَّهُ الواحدُ الصَّمَدُ» في الصلاة، والناس يستمعون، فأَسْقَط: «قُلْ هو»، وزعم أنه ليس من القرآن.
وغيَّر لفظ «أَحَدٍ»، وادعى أن هذا هو الصواب، والذي عليه الناس هو الباطل والمحال؛ فأبطل معنى الآية؛ لأن أهل التفسير قالوا: نزلت الآية جواباً لأهل الشرك لما قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: صِفْ لَنَا رَبَّك، أمِن ذهب هو أم مِن نحاس أم مِن صُفْر؟ فقال الله عز وجل رداً عليهم: {قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } ففي «هُوَ» دلالة على موضع الردّ، ومكان الجواب، فإذا سقط بطل معنى الآية، وصح الافتراء على الله عز وجل، والتكذيب لرسوله صلى الله عليه وسلم.
{{ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ }}
وقال ابن عباس: {لَمْ يَلِدْ} كما وَلَدَتْ مَرْيَم، ولم يُولد كما وُلِدَ عيسى وعُزَيرٌ. وهو رد على النصارى، وعلى من قال: عُزيرٌ ابن الله.
{{ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ }}
أي لم يكن له مِثلاً أحد. وفيه تقديم وتأخير؛ تقديره: ولم يكن له كفواً أحد؛ فقدّم خبر كان على اسمها، لينساقَ أواخرُ الآي على نظم واحد.
وقرِىء «كُفُواً» بضم الفاء وسكونها.
وقرأ حفص «كفُواً» مضموم الفاء غير مهموز. وكلها لغات فصيحة.
تفسير سورة الإخلاص ابن كثير
{{ قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ }}
قال عكرمة: لما قالت اليهود: نحن نعبد عزير بن الله، وقالت النصارى: نحن نعبد المسيح بن الله، وقالت المجوس: نحن نعبد الشمس والقمر، وقالت المشركون: نحن نعبد الأوثان أنزل الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم: {قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ} يعني هو الواحد الأحد، الذي لا نظير له ولا وزير، ولا شبيه ولا عديل، لأنه الكامل في جميع صفاته وأفعاله،
{{ ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ }}
يعني الذي يصمد إليه الخلائق في حوائجهم ومسائلهم،
قال ابن عباس: هو السيد الذي قد كمل في سؤدده، والشريف الذي قد كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والعليم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته، وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد، وهو الله سبحانه، ليس له كفء وليس كمثله شيء، سبحان الله الواحد القهار،
وقال الأعمش {ٱلصَّمَدُ} السيد الذي قد انتهى سؤدده، وقال الحسن وقتادة: هو الباقي بعد خلقه، وقال الحسن أيضاً {ٱلصَّمَدُ} الحي القيوم الذي لا زوال له،
وقال الربيع بن أنَس: هو الذي لم يلد ولم يولد كأنه جعل ما بعده تفسيراً له، وهو قوله: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} وهو تفسير جيد، وقال ابن مسعود والضحّاك والسدي: {ٱلصَّمَدُ} الذي لا جوف له،
وقال مجاهد {ٱلصَّمَدُ} المصمت الذي لا جوف له، وقال الشعبي: هو الذي لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب.
وقد قال الحافظ أبو القاسم الطبراني في “كتاب السنة” بعد إيراده كثيراً من هذه الأقوال في تفسير الصمد: وكل هذه صحيحة وهي صفات ربنا عزَّ وجلَّ، هو الذي يصمد إليه في الحوائج، وهو الذي قد انتهى سؤدده، وهو الصمد الذي لا جوف له ولا يأكل ولا يشرب، وهو الباقي بعد خلقه، وقال البيهقي نحو ذلك.
{{ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ }}
أي ليس له ولد ولا والد ولا صاحبة.
{{ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ }}
يعني لا صاحبة له، وهذا كما قال تعالى: {بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [الأنعام: 101] أي هو مالك كل شيء وخالقه، فكيف يكون له من خلقه نظير يساميه، أو قريب يدانيه ؟ تعالى وتقدس وتنزه.
وفي الحديث القدسي الذي رواه أبوهريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قالَ اللَّهُ: كَذَّبَنِي ابنُ آدَمَ ولَمْ يَكُنْ له ذلكَ، وشَتَمَنِي ولَمْ يَكُنْ له ذلكَ، فأمَّا تَكْذِيبُهُ إيَّايَ فَقَوْلُهُ: لَنْ يُعِيدَنِي، كما بَدَأَنِي، وليسَ أوَّلُ الخَلْقِ بأَهْوَنَ عَلَيَّ مِن إعادَتِهِ، وأَمَّا شَتْمُهُ إيَّايَ فَقَوْلُهُ: اتَّخَذَ اللَّهُ ولَدًا وأنا الأحَدُ الصَّمَدُ، لَمْ ألِدْ ولَمْ أُولَدْ، ولَمْ يَكُنْ لي كُفْئًا أحَدٌ. (رواه البخاري)
تابع أيضًا: تفسير سورة الكوثر لابن كثير
تفسير سورة الإخلاص ابن عثيمين
ومن تفسير سورة الإخلاص كذلك جاء تفسير الشيخ ابن عثيمين والتفصيل كما يلي:
{{ قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ }}
{قُلْ}: الخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام، وللأمة أيضًا. و {هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ}: {هُوَ }: ضمير الشأن عند المُعربين. ولفظ الجلالة {اللَّـهُ }: هو خبر المبتدأ. و{أَحَدٌ}: خبر ثان، {اللَّـهُ أَحَدٌ}: أي هو الله الذي تتحدثون عنه وتسألون عنه {أَحَدٌ} أي: متوحد بجلاله وعظمته، ليس له مثيل، وليس له شريك، بل هو متفرد بالجلال والعظمة عز وجل.
{{اللَّـهُ الصَّمَدُ}}
جملة مستقلة: بيّن الله تعالى أنه {الصَّمَدُ}، أجمع ما قيل في معناه: أنه الكامل في صفاته، الذي افتقرت إليه جميع مخلوقاته، فقد روي عن ابن عباس أن {الصَّمَدُ} هو الكامل في علمه، الكامل في حلمه، الكامل في عزته، الكامل في قدرته …إلى آخر ما ذكر في الأثر، وهذا يعني أنه مستغنٍ عن جميع المخلوقات لأنه كامل. وورد أيضًا في تفسيرها أن {الصَّمَدُ} هو الذي تصمد إليه الخلائق في حوائجها، وهذا يعني أن جميع المخلوقات مفتقرة إليه، وعلى هذا فيكون المعنى الجامع للصمد هو: الكامل في صفاته الذي افتقرت إليه جميع مخلوقاته.
{{ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ }}
{لَمْ يَلِدْ}: لأنه جل وعلا لا مثيل له، والولد مشتق من والده وجزء منه كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في فاطمة: [إنها بَضْعَةٌ مني] (صحيحي البخاري ومسلم)،
والله جل وعلا لا مثيل له، ثم إن الولد إنما يكون للحاجة إليه إما في المعونة على مكابدة الدنيا، وإما في الحاجة إلى بقاء النسل، والله عز وجل مستغنٍ عن ذلك. فلهذا لم يلد لأنه لا مثيل له؛ ولأنه عز وجل مستغنٍ عن كل أحد.
وقد أشار الله عز وجل إلى امتناع ولادته أيضًا في قوله تعالى: {أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنعام:101]. فالولد يحتاج إلى صاحبة تلده، وكذلك هو خالق كل شيء، فإذا كان خالق كل شيء فكل شيء منفصل عنه بائن منه.
وفي قوله: {لَمْ يَلِدْ} رد على ثلاث طوائف منحرفة من بني آدم، وهم:
المشركون، واليهود، والنصارى، لأن المشركين جعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثًا، وقالوا: إن الملائكة بنات الله، واليهود قالوا: عزير ابن الله، والنصارى قالوا: المسيح ابن الله، فكذبهم الله بقوله: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} لأنه عز وجل هو الأول الذي ليس قبله شيء، فكيف يكون مولوداً؟
{{ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ }}
أي لم يكن له أحد مساويًا في جميع صفاته، فنفى الله سبحانه وتعالى عن نفسه أن يكون والدًا، أو مولودًا، أو له مثيل.
تفسير سورة الإخلاص مختصر
ومن التفاسير المختصرة التي وردت في تفسير سورة الإخلاص التفسير الميسر وهو كالتالي:
{{ قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ }}
قل -أيها الرسول-: هو الله المتفرد بالألوهية والربوبية والأسماء والصفات، لا يشاركه أحد فيها.
{{اللَّـهُ الصَّمَدُ}}
الله وحده المقصود في قضاء الحوائج والرغائب.
{{ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ }}
ليس له ولد ولا والد ولا صاحبة.
{{ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ }}
ولم يكن له مماثلا ولا مشابهًا أحد من خلقه، لا في أسمائه ولا في صفاته، ولا في أفعاله، تبارك وتعالى وتقدَّس.
شرح سورة الإخلاص مبسط
ومن التفاسير المبسطة التي وردت في تفسير سورة الإخلاص كذلك تفسير الجلالين وهو كالتالي:
{{ قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ }}
الله خبر «هو» و «أحد» بدل منه أو خبر ثان.
{{اللَّـهُ الصَّمَدُ}}
مبتدأ وخبر: أي المقصود في الحوائج على الدوام.
{{ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ }}
{لَمْ يَلِدْ } لانتفاء مجانسته. {وَلَمْ يُولَدْ } لانتفاء الحدوث عنه.
{{ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ }}
أي مكافئاً ومماثلاً و «له» متعلق ب «كفواً» وقُدِّم عليه لأنه مَحطُّ القصد بالنفي، وأَخَّر «أحد» وهو اسم «يكن» عن خبرها رعاية للفاصلة.
مقال ذات صلة: تفسير سورة الفلق
تفسير سورة الإخلاص للاطفال
ومن تفسير سورة الإخلاص أيضًا لأطفالنا الصغار قمنا بإدراج هذا الفيديو .
فضل سورة الإخلاص
يحتوي القرآن العظيم على 114 سورة لكل سورة فضل عظيم، ولكن سورة الإخلاص لها فضل خاص بها وهو أن من قرأها ثلاث مرات كأنه قرأ الـ 114 سورة ولها كذلك عديد من الفضائل نذكرها فيما يلي:
- سورة الإخلاص من أعظم سور القرآن الكريم وذلك لأن بها أنواع التوحيد الثلاثة كما ذكرنا في تفسير سورة الإخلاص سابقًا.
- تكون سببًا لمحبة الله تعالى، فاقرأ بقلبك معي هذا الحديث الشريف الذي روته السيدة عائشة رضي الله عنهاقالت: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا علَى سَرِيَّةٍ، وكانَ يَقْرَأُ لأصْحَابِهِ في صَلَاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بقُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذلكَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: سَلُوهُ لأيِّ شيءٍ يَصْنَعُ ذلكَ؟، فَسَأَلُوهُ، فَقالَ: لأنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وأَنَا أُحِبُّ أنْ أقْرَأَ بهَا، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أخْبِرُوهُ أنَّ اللَّهَ يُحِبُّه. (رواه البخاري).
- قراءتها تعدل في الثواب والأجر ثلث القرآن، فتدبر معي هذا الحديث عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أَيَعْجِزُ أحَدُكُمْ أنْ يَقْرَأَ في لَيْلَةٍ ثُلُثَ القُرْآنِ؟ قالوا: وكيفَ يَقْرَأْ ثُلُثَ القُرْآنِ؟ قالَ: قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ. (رواه مسلم).
- تقي الإنسان وتحميه من الشرور إذا قرأها قبل نومه، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذا أوَى إلى فِراشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمع كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِما فَقَرَأَ فِيهِما: قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ النَّاسِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما ما اسْتَطاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهِما علَى رَأْسِهِ ووَجْهِهِ وما أقْبَلَ مِن جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. (رواه البخاري)
- سبب في تحصين النفس من الشيطان و تكفيك من كل شيء، فعن عبدالله بن خبيب قال: خرجنا في ليلةِ مَطَرٍ وظُلْمَةٍ شديدةٍ نطلبُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيُصليَ لنا ، فأدركناه ، فقال : أصليتم ؟ فلم أقلْ شيئًا ، فقال : قلْ . فلم أقلْ شيئًا ، ثم قال : قلْ. فلم أقلْ شيئًا ، ثم قال : قلْ : فقلتُ : يا رسولَ اللهِ، ما أقولُ ؟ قال : قل هو الله أحد والمُعَوِّذَتين حينَ تُمسي وحينَ تُصبحُ ثلاثَ مراتٍ تُكفيك مِن كلِّ شيءٍ. (رواه أبوداود وحسنه الألباني)
- ومن يقرأ سورة الإخلاص عشر مرات له بيتٌ في الجنة، فعن معاذ بن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ عشرَ مراتٍ بنى اللهُ له بيتًا في الجنَّةِ. (صححه الألباني في صحيح الجامع)
- استجابة الدعاء لمن دعا بأسماء الله الواردة في السورة، فعن بريدة الأسلمي رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ سمعَ رجلًا يقولُ: اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ أنِّي أشْهدُ أنَّكَ أنتَ اللَّهُ لا إلَهَ إلَّا أنتَ الأحدُ الصَّمدُ الَّذي لم يلِدْ ولم يولَدْ ولم يَكن لَهُ كفوًا أحدٌ، فقالَ: لقد سألتَ اللَّهَ بالاسمِ الَّذي إذا سُئلَ بِهِ أعطى وإذا دُعِيَ بِهِ أجابَ. (رواه أبوداود وصححه الألباني)
الأحاديث الصحيحة في فضل سورة الإخلاص
بالإضافة إلى الأحاديث الواردة في فضل سورة الإخلاص التي ذكرناها سابقًا، نذكر بعض الأحاديث الصحيحة الأخرى كالتالي:
- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “احْشُدُوا، فإنِّي سَأَقْرَأُ علَيْكُم ثُلُثَ القُرْآنِ، فَحَشَدَ مَن حَشَدَ، ثُمَّ خَرَجَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقَرَأَ: {قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ}، ثُمَّ دَخَلَ، فقالَ بَعْضُنا لِبَعْضٍ: إنِّي أُرَى هذا خَبَرٌ جاءَهُ مِنَ السَّماءِ فَذاكَ الذي أدْخَلَهُ، ثُمَّ خَرَجَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: إنِّي قُلتُ لَكُمْ سَأَقْرَأُ علَيْكُم ثُلُثَ القُرْآنِ، ألا إنَّها تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ. (رواه مسلم)
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أقبلتُ معَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فسمِعَ رجلًا يقرأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ : وجبَتْ. قلتُ : ما وجبَتْ ؟ قالَ : الجنَّةُ. (رواه الترمذي وصححه الألباني)
- وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ: قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ يُرَدِّدُها، فَلَمَّا أصْبَحَ جاءَ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَذَكَرَ ذلكَ له، وكَأنَّ الرَّجُلَ يَتَقالُّها، فقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: والذي نَفْسِي بيَدِهِ إنَّها لَتَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ. (رواه البخاري)
- وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ اللَّهَ جَزَّأَ القُرْآنَ ثَلاثَةَ أجْزاءٍ، فَجَعَلَ قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ جُزْءًا مِن أجْزاءِ القُرْآنِ. (رواه مسلم)
مقال ذات صلة: تفسير سورة الضحى
المصادر
- تفسير القرآن الكريم لابن كثير.
- تفسير كلام المنان للسعدي.
- موقع الشيخ ابن عثيمين.
- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي.
- التفسير الميسر مجمع الملك فهد.
- تفسير الجلالين.
الخاتمة
وفي نهاية حديثنا عن تفسير سورة الإخلاص للسعدي وابن كثير والقرطبي وغير ذلك، نسأل الله تعالى التوفيق والسداد ونصلي ونسلم على خاتم الأنبياء وسيد السادات سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم .
تم برمجة هذا الموقع من قبل : Ahmeds.dev