هو العالم جاليليو جاليلي .
وكان عالم الرياضيات والفلك وفيلسوف الطبيعة الإيطالي جاليليو جاليلي أو (Galileo Galilei) أول من حاول إثبات أن الهواء له وزن في القرون الوسطى، وعلى الرغم من صعوبة تبسيط هذه الفكرة، إلا أن طرح فرضية مثل وزن الهوء كانت ضربًا من الجنون والهرطقة، لما تُظهره من انعدام للمنطق، وتضاد للفكر الكنائسي آن ذاك، إلا أن جاليليو قد اقترحها، ليتم ثبوتها بعد ذلك على يد تلميذه توريشيللي.
ولد العالم جاليليو جاليلي بإيطاليا في فبراير من عام 1564، وتُوفي في يناير لعام 1642، عاش 78 عامًا مليئة بالإنجازات العلمية المشهود له بها حتى الآن، كما تتلمذ على يده عدد من علماء الطبيعة مثل العالم توريشيللي (Torricelli) الذي أكمل مسيرة جاليليو بعد ذلك وساهم في تصحيح فرضيته لوزن الهواء، ويعتبر العالم جاليليو أبو العلوم لما أحدثه من ثورة في علوم الفلك والحركة، كما عمل على تغيير التعبير اللفظي النوعي للعلوم الطبيعية إلى حساب رياضي، لتُصبح بعد ذلك التجارب المادية طريقة مقبلولة لإكتشاف حقائق الطبيعة.
بدأت الثورة الفكرية التي أحدثها جاليليو منذ مايقرب من 400 عام في إيطاليا، حيث كان العالم بإحدى العلوم الطبيعة يُسمي فيلسوف الطبيعة، لاعتقاد العامة أنهم قد مسهم وحي إلاهي مع تفكير تجريدي حتي يصلوا إلى تلك الفرضيات التي سُميت حينها بالثورات الفكرية أو الهرطقة، فلم يكن فلاسفة الطبيعة ذو قبول ديني أو إجتماعي آن ذاك حيث رُمي أغلبهم بالهرطقة والجنون.
وكان جاليليو جاليلي أحد هؤلاء الفلاسفة، فنرى جاليليو جاليلي شيخًا بلغ من العمر 70 عامًا، في آخر حياته مدعوًا أمام اللجنة القضائية للمحققون في الفساد الهرطقي، ومُتهمًا من المجتمع المُقدس بخلق بدعة افترضها حيث تمسك بفرضيته التى يعتقد فيها بأن الشمس هي مركز العالم وغير متحركة، بينما الأرض ليست المركز وإنما هي من تتحرك!، متوعدين له بالمحرقة مثل الراهب جيوردانو برونو، الذي تم حرقه علانية قبل بضع عقود بسبب إيمانه بمركزية الشمس أيضًا، ليعود من جديد وفي جعبته فرضية أخرى تقول الهواء له وزن.
اثبات جاليليو جاليلي لوزن الهواء
اعتبر ارسطو في العصور الأولى أن الهواء هو أحد عناصر الطبيعة الأربعة وهم: الماء والهواء والنار والأرض، ولم يكن معروفًا حينها سوى القليل جدًا عن الخصائص الفيزيائية للهواء، وساد ذلك الإعتقاد لمدة 2000، حتي يأتي القرن السابع عشر عام 1618 حيث قارن العالم إسحاق بيكمان الهواء بالماء ليتوصل إلى فرضية جذرية تفيد بأن الهواء له خصائص فيزيائية، لتبدأ ثورة فكرية تجديدية تُفتش عن الهواء وخصائصه، لتبحث عن ماهية الهواء هل هواء فراغ أم شئ مادي له وزن؟.
افترض جاليليو جاليلي أن للهواء وزن وقام بهذه التجربة لاختبار صحة فكرته:
- أحضر جاليليو قنينة زجاجية كبيرة برقبة ضيقية وسدادة.
- قم بإدخال حقنة تصل بين الزجاجة عن طريق السدادة ومنفاخ.
- وباستخدام الحقنة والمنفاخ قام بمضاعفة الهواء داخل الزجاجة مرتين إلى ثلاث مرات أكثر مما تتحمل الزجاجة في العادة .
- قام بوزن الزجاجة بدقة شديدة أمام الرمال لتزن مقدار منه، وكرر تلك الخطوة حتى وصل إلى الوزن الدقيق. (الوزن الأول)
- قام بتفريغ الزجاج من الهواء المضغوط به لتعود خفيفة كما كانت بالسابق.
- أعاد الوزن مرة أخرى، بدون ضغط الهواء، لتزن مقدار ضئيل من الرمال. (الوزن الثاني)
- وبمقارنة الوزن الأول بالثانى، تأكد جاليليو أن الهواء لايستهان به كما فرض أرسطو وإنما يأخذ قدرًا من القياس، ولكن يحتاج إلى طريقة ما لقياس وزن الهواء المتسرب عقب تفريغ الزجاجة بالإضافة إلى حجمه.
ومن أجل معرفة المقدار الحقيقي للهواء قام بهذه التجربة مقارنة بالماء:
- أحضر جاليليو قنينة زجاجية كبيرة برقبة ضيقية وسدادة.
- ملئ 3/4 الزجاجة بالماء.
- قام بضغط الهواء الأصلي بشكل غير مريح في ربع مساحتها الأصلية بالسدادة.
- قام بوزن الزجاجة. (الوزن الأول)
- سمح للهواء الأصلي من الزجاجة بالهروب.
- وزن الزجاجة مرة أخرى (الوزن الثاني)، وقارن الوزن الأول بالثاني ليتوصل إلى مقدار الهواء الأصلي المضغوط.
- افرغ الزجاجة من الماء ووزنها فارغة (الوزن الثالث)، ليصل إلى وزن الماء فقط.
- قارن وزن الهواء بالماء ليصل إلى أن الهواء يزن مايُعادل 1/400 من وزن الماء.
توريشيللي ووزن الهواء
اثبت جاليليو أن الهواء له وزن ولكنه افترض خطأً أن الغلاف الجوي ككل دون ضغط مؤثر عليه ليس له أثر وغير قادر على الدفع، لينهي مخطوطته ويهربها بعيدًا إلى هولندا لتشق طريقها إلى النور بعد ذلك، فعلى الرغم من فرضية جاليليو الخاطئة عن تصرف الهواء في الغلاف الجوي إلا أن إثباته أثمر عن تجارب واكتشافات عظيمة.
ففي 11 يونيو لعام 1644 ميلاديًا، كتب إيفانجليستا توريشيلي رسالة رائعة إلى صديقه مايكل أنجلو ريتشي تحوي اكتشافه لوزن الهواء، ويقول فيها نصًا يُخلد بها ذكرى اكتشافه إلى الأبد “نحن نعيش مغمورون في قاع محيطٍ مملوء بالهواء، والذي عُرف من خلال التجارب التي لا جدال فيها أن له وزنًا” كان تورشيلي مدفوعًا إلى إثبات فرضيته بعد ملاحظة عدم ارتفاع الماء في عمود الضخ لأعلى الخاص بالمناجم فوق حد معين مما تسبب في عجزهم عن التخلص من المياه في المناجم المنخفضة،ليبدأ بتعديل فرضيات جاليليو إلى:
- الهواء له وزن دائمًا.
- الهواء المندفع عبر أنبوب الضخ لأعلى يلعب دورًا هامًا لاختبار نظريته.
حاول في البداية اثبات تأثير ضغط الهواء على رفع الماء في انبوب، ولكن كان من الصعب عليه اختبار مثل هذه التجربة حيث سيحتاج إلى أنبوب طويل حيث وصول طول العمود المستخدم أكثر من 10 أمتار (35 قدمًا) في الارتفاع، وكمية من الماء الكبيرة لمعادلة ضغط الهواء، فاستبدل الماء بالزئبق، وبدأ بعمل تجربة تأثير ضغط الهواء على رفع الزئبق كما يلي:
- أخذ انبوب زجاجي وضع به زئبق.
- وضع اصبعه على نهاية الأنبوب.
- قلب الأنبوب ف حوض يحتوي ع الزئبق، ثم بدأ في ملاحظة ارتفاع الزئبق.
لاحظ تورشيلي انخفاض مستوي الزئبق في العمود، عند حد معين، ليذكر في فرضيته ان ارتفاع الزئبق آن ذاك بلغ 76 سم، ليصل إلى الأستنتاج الذي يدعي فيه أن السبب الرئيسي لارتفاع الزئبق في العمود 76 سم فوق مستوي سطح الزئبق بالحوض الصغير هو ضغط الهواء المحيط بالزئبق، ليصنع بذلك أول مقياس للضغط الجوي المسمى بالباروميتر.
مقياس الضغط الجوي
مقياس الضغط الجوي هو الباروميتر، ويُعرف الباروميتر على أنه جهاز من أجهزة الطقس يُستخدم لقياس الضغط الجوي، وتعتمد فكرة عمله على إثبات كلًا من جاليليو وتورشيلي لوزن الهواء، ومفهوم الغلاف الجوي، حيث يستطيع الهواء الضغط على كل مايلمسه بتأثير وزنه وقوته.
ويقيس الباروميتر الضغط الجوي بوحدة الغلاف الجوي (atmo) وهي تساوي متوسط ضغط الهواء عند مستوي سطح البحر تحت درجة حرارة مساوية ل 15 درجة مئوية سِلِسْيُوسية المساوية ل 59 درجة فهرنهايت، وله أنواع متعددة:
- الباروميتر الزئبقي، ويُعتبر من أقدم النماذج المُعدة لقياس الضغط الجوي، قام بصناعته العالم توريشيلي عام 1643 معتمدًا على الزئبق.
- الباروميتر اللاسائلي الذي اخترعه العالم الفرنسي لوسيان فيدي عام 1844، ويعتمد غرفة معدنية مغلقة تتوسع وتتقلص بمقدار الضغط الجوي.
- ديجتال باروميتر وهو أحدث المقاييس المستخدمة لقياس الضغط الجوي، فهو جهاز سريع ودقيق وسهل حمله وامتلاكه.